مساجد الجزائرمعرض الصور

مسجِد بِلاَلَّه بوادي سوف

مسجِد بِلاَلَّه بوادي سوف

بقلم الأستاذ الدكتور محمد رشيد بوغزالة جامعة الوادي

سنة تأسيس المسجد

أسّس مسجد منطقة بلالة بوادي سوف سنة 1947م وأشرف عليه سكان تلك المنطقة، بعدما أصبحت بها عدة بيوت.

وإنّ المنطقة التي يقع فيها المسجد مندثرة، لم يبق فيها من المنازل إلاّ بعض معالمها أو بقايا بعض الأطلال من الغرف.

أصل التّسمية

منطقة بلالة منطقة قديمة جدا، وأصل تسميتها كما يحكي الأولون يعود إلى اسم ثلاثة أو أربعة أشخاص اسمهم عبد الله، قطنوا المنطقة، ومن المعروف أنّ اللهجة المحليّة في منطقة وادي سوف يختصرون اسم عبد الله أحياناً بـ: “بَلَّه”، وجمعها “بِلاَلَّه” نسبة إلى هؤلاء العبادلة الثلاثة أو الأربعة.

والدليل على قدم المنطقة أنّ الأجداد كانوا وفي حال رعيهم الغنم بها وما جاورها، تظهر فيها آثار منازل قديمة بعد هبوب العواصف الرملية، التي كانت تزيح عنها الكثبان الرملية.

وكذلك بعد العزم على ترميم هذا المسجد وجدت أثناء الحفر والتهيئة حول المسجد بقايا ما يدعى في المنطقة “الكُوشة” وهو موقد أو فرن على شكل دائري يغطي حفرة تحضر فيه مادة البناء البيضاء المسماة “الجِّبس”، حيث يجمع فيها نوع من حجارة إذا حرقت وطُحنت تحولت إلى مادة “الجِّبس” الذي كان يبني به الأجداد بيوتهم.

وهذه الوسيلة “الكوشة” هي وسيلة قديمة جدا لإعداد هذه المادة.

ووفق شهادة من حضر بناء المسجد سنة 1947م، أنّه أثناء تلك الفترة لا يذكر وجود هذه “الكوشة”، ولم يقم الساكنة بإعدادها بعد بناء المسجد، ما يدل على قدم الكوشة وقدم المنطقة، وأنها كانت عامرة قبل هذا التاريخ.

الأئمة الذين تعاقبوا على إمامة المسجد

-الطالب نعمسيدي “محمد امدلل”

يشتهر أهل وادي سوف والمناطق المجاورة مثل غالبية المناطق الجزائرية بإطلاق لقب “نعمسيدي” على الإمام ومعلم القرآن، وفحوى اللقب ينبئ بأنّ صاحبه لا يقال له “لا” أبدا تعظيماً لما في صدره من الذكر.

كان أول إمام أمّ الناس فيه هو الطالب “محمد امدلل”، حفظ القرآن الكريم في أقدم المناطق بالوادي تدعى “البهيمة” التي تحولت تسميتها حديثاً إلى “حساني عبد الكريم”، على يد أحد أئمتها فحفظ حزبين ثم انتقل إلى منطقة أخرى تسمى الخُبنة بجوار بلدة الطريفاوي، ليواصل حفظ القرآن الكريم على يد الطالب خَوازم فأتمّ حفظ القرآن الكريم، وأبناء وأحفاده الطالب خَوازم موجودون إلى غاية اليوم ويُدعون بأبناء الإمام، لأنّه أشرف على تعليم وتحفظ الكثير من أبناء المنطقة القرآن الكريم.

بعد فترة جيء بالطالب الشاب نعمسيدي محمد مدلل إلى منطقة “بلالة”، للقيام بالإمامة وتعليم الناس القرآن الكريم، حيث جاء هو وأبوه الضرير وكانت أمه متوفية آنذاك، وتمّ تزويج الطالب نعمسيدي محمد مدلل من فتاة تدعى “مباركة” وتختصر إلى “باكّة” كانت تعيش رفقة أمها المدعوة “بيّة”، التي زُوّج والده الضرير بعد فترة منها، وتمّ بناء غرفة للطالب وغرفة لأبيه بعد تزويجهما. 

مكث الطالب نعمسيدي محمد مدلّل إماما بالمسجد من سنة 1947م إلى سنة 1976م حيث رحل وأهله إلى مدينة الوادي، بعدما أشرف على تعليم الكثير من أهالي المنطقة القرآن الكريم، كبارا وصغارا، حيث كان صارما شديد الحرص.

أجرة الإمام قديما بالمنطقة

ومما ينقله الأهالي وطلبة الإمام أنّ أجرة الطالب محمد مدلل – كانت ما يجود به الأهالي. وكذا ما يجمع له من التمر في المواسم من الغيطان (جمع غوط وهو عبارة عن حفرة بين الكثبان الرملية، يجعلها الفلاحون لغراسة النخيل)، حيث يُرسل الصبية يجوبون هذه الغيطان لجمع التمر لمعلمهم.

وكان الأهالي يصنعون من سعف “الزنابيل” (قفة الرمل)، و”العلائق” ومختلف الأواني التي كانت تصنع من السعف.

العوائل الأولى التي كانت تسكن المنطقة

أشهرها عائلة بوغزالة، حيث قطنها جد الأستاذ الدكتور محمد رشيد بوغزالة وبعض إخوته وأقاربه، وهي مسقط رأس والد الأستاذ الدكتور محمد رشيد بوغزالة وإخوته الكبار، حيث يقع فيها بيت الأجداد، وقد حفظ والد الأستاذ الدكتور محمد رشيد بوغزالة القرآن الكريم في هذه المنطقة وفي هذا المسجد على يد الطالب محمد مدلّل رغم أنّ والده كان يقارب سنّ معلمه، وكذا من العوائل الساكنة عائلة بوزغاية، وعائلة غندير، وعائلة حويذق ومنها ينحدر العالم الداعية مصباح حويذق أحد أعلام الجزائر الإصلاحيين وأحد رواد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وصاحب التفسير، والذي تمّ نفيه إلى منطقة أدرار وبرج باجي مختار بأقصى الجنوب الجزائري، وكذلك عائلة قايدي وعائلة قسوم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى