مساجد الجزائرمعرض الصور

مسجد الشيخ العدواني في بلدة الزقم بوادي سوف

مسجد الشيخ محمد العدواني في بلدة الزقم بوادي سوف

من الضروري التنبيه إلى أن طابع المساجد في المغرب الإسلامي يختلف بين المنطقتين التلية الشمالية والصحراوية الجنوبية، من حيث مواد البناء والعناصر المعمارية والزخرفة والتصميم .. وعموما فالنمط المعماري للمساجد الصحراوية ، نمط بسيط، خال كثرة الزخارف.

مما لا شك فيه، أنّ جميع المساجد القديمة في منطقة وادي سوف، أعيد بناؤها، وجددت في فترات مختلفة، وذلك بسبب الظروف المناخية السائدة، ونظرا لمواد البناء المستعملة. ولكنها – مع ذلك – حافظت تقريبا على الطراز المعماري السابق. ومن بين هذه المساجد، يأتي مسجد العدواني الواقع في بلدة الزقم ، التي تبعد بنحو عشرة كيلومترات، شرقي مدينة الوادي .

تعتبر القبة في منطقة وادي سوف عنصرا معماريا أساسيا ومميزا، أملته الظروف الطبيعية والمناخية، فالقبة تقوم بتكسير أشعة الشمس الحارة وعكسها، كما تقوم بنشر الرمال حتى لا تتراكم على السطح، لأن المنطقة رملية وتشهد الكثير من العواصف.

وحاليا هذا المسجد – مسجد العدواني – لا وجود له كما سيأتي في الوصف، بل هدم تماما وأعيد تخطيطه وتصميمه وبناؤه بالمواد والطرق العصرية.

يعدّ مسجد العدواني من أقدم المساجد في منطقة وادي سوف، إذ حسب الروايات المحلية، وحسب تسميته، فهو يعود إلى قبيلة عدوان المنسوب إليها، حينما قدم آل عدوان مع بني هلال وبني سليم إلى إفريقية، وانتقل آل عدوان إلى الجردانية بوادي سوف، واستوطنوها حوالي عام 600هـ، 1204م، ثم كثر البناء في الجردانية، وتعددت الأحياء، فأصبحت عبارة عن مجموعة قرى، تسمى بقصور عدوان، ومن بينها قرية الزقم، التي كانت – أول الأمر – عامرة بآل عدوان فقط، ثم اختلطت بعد ذلك بغيرهم من القبائل .

وفي تلك الظروف ، أي في القرن 7هـ /13م، تم تأسيس مسجد العدواني بالزقم، إذ لا بد لكل بلدة إسلامية من مسجد تؤدى فيه صلاة الجماعة، ويتعلم فيه الكبار فرائض الدين وسننه، ويتم فيه تحفيظ القرآن الكريم. وترجح، حسب الظروف التاريخية والاجتماعية، أن بناء المسجد كان في غاية البساطة. وربما كان عبارة عن مصلى بدائي، تختفي منه كثير من العناصر المعمارية، كالقباب والدعائم والعقود والزخرفة … ولكن بمرور الزمن والتجديد المتتالي، تطور الطراز المعماري للمسجد، حتى قارب من شكله الحالي.

سبب التسمية

سمي المسجد باسم مسجد الشيخ محمد العدواني وهو مؤرخ وادي سوف الأول وأحد علمائها، عاش ما بين 1133-1207هـ الموافق 1720-1792م، وهو من أهل القرن 18م، ورحالة تعدت شهرته بلاد المغرب قاطبة، وله كتابه المشهور في التاريخ والذي حقق من طرف الدكتور أبو القاسم سعد الله تحت عنوان ” تاريخ العدواني” وطبع من طرف دار الغرب الإسلامي ببيروت سنة 1996. 

التخطيط العام:

يأخذ المسجد شكل مستطيل، إذ يبلغ طوله38م ويبلغ سمك جدرانه40سم، ولقد بنيت بالحجارة الجيرية والجص، تتجه قاعة الصلاة نحو الشرق، وهي تتوسط المسجد، وتشتمل على تسع بلاطات (أروقة)، موازية لحائط القبلة، وتنحصر بين ثمانية صفوف من الدعائم والعقود، ويبلغ طولها عرض قاعة الصلاة، وتقاطعها ثماني بلاطات (أروقة) عمودية، ويساوي طولها عمق قاعة الصلاة، وتحتوي قاعة الصلاة على أربعة أبواب، يوجد باب منها في الركن الجنوبي الغربي يفضي إلى الخارج . بينما توجد الثلاثة أبواب الأخرى في الجهة الشمالية ، تؤدي إلى رواق المدخل، ويوجد صحن مكشوف في مقدمة المسجد، من الناحية الشرقية، ولكنه لا يفتح على قاعة الصلاة، وهو مستطيل التخطيط، عمقه أقل من عرضه، ويحيط بالصحن من الناحية الجنوبية والغربية رواق ذو بلاطة واحدة، ويشتمل الصحن على حجرة بالركن الجنوبي الغربي، مربعة الشكل، وقاعة بالركن الجنوبي الشرقي، ولها بابان يفتحان في الصحن، وبالركن الشمالي الغربي يمتد مدخل المئذنة، أما بالركن الشمالي الشرقي فيوجد بئر ماء، محاط بسور قصير من الجهتين الشمالية والشرقية، ويقع مدخل الصحن في محور الجهة الشمالية، وهو على شكل ظلة مربعة تعلوها قبة نصف كروية، كما توجد ميضأة في آخر المسجد، وهي مستطيلة التخطيط.

تعتمد عقود السقف على دعائم في شكل أعمدة ثمانية أضلاع، بنيت بالحجارة الجيرية والجص، وملاطها كذلك من الجص، ويبلغ عددها في قاعة الصلاة 52 دعامة، وهي تتوزع على ثمانية صفوف موازية لجدار القبلة، حيث نجد صفين في المقدمة، يحتويان على خمس دعائم في كل صف، وتتوسطهما بائكة المحراب تعلوها القبة الرئيسية. أما الستة الصفوف الأخرى فتحتوي على سبع دعائم في كل صف، كما يشتمل رواق المدخل على ست دعائم، منتظمة في صف واحد، موازي للجدار الشمالي لقاعة الصلاة. وتشمل واجهة الميضأة على أربع دعائم منتظمة كذلك في صف واحد، وجميع هذه الدعائم، لا ترتكز على قواعد، ولا تعلوها تيجان، كما يشتمل الصحن على دعامتين في الإيوان (الرواق )، كما يشتمل الصحن على أربع دعائم حائطية في الإيوان الجنوبي، وواحدة في الإيوان الغربي، كما لا توجد التيجان بين الدعائم والعقود، وإنما استعمل الاكتاف، ( أو الطرف ) وهي عبارة عن ثلاثة أطواق من الجص، ثمانية الأضلاع، ومختلفة المقاسات، وموضوعة فوق بعضها البعض، بحيث أصغرها يوجد في الأسفل، وأكبرها يوجد في الأعلى، ويعتمد سقف المسجد كله على عقود نصف دائرية، في قاعة الصلاة ورواق المدخل بينما، كما سقف كل المسجد بقباب منخفضة، فهي تعلو الحجرتين والميضأة ورواق الصحن ورواق المدخل، وقاعة الصلاة التي تغطيها 55 قبة، عدا القبة المحورية الموجودة أمام المحراب.

كما تشتمل قاعة الصلاة على محراب مجوف، يتوسط جدار القبلة، ويتجه نحو الشرق، وكوته نصف اسطوانية معقودة بعمق، ويكتنف المحراب عمودان من الجص أحدهما على اليمين، والآخر على اليسار، وهما لولبيان، وتعلو كل عمود طرفة على شكل تاج، وتوجد إلى اليمين من المحراب كوة أخرى مستطيلة، وهي مشكاة المنبر بجدار القبلة، أما المنبر نفسه، فهو خشبي، حديث الصنع، ويتكون السلم من سبع درجات، أما المئذنة فتقع في الركن الشمالي الشرقي لقاعة الصلاة ، وتظهر ببدن واحد مربع ومكلل بشرافات، وتتوجها في الأعلى قبة صغيرة نصف كروية، لها استطالة مربعة، على شكل مبخرة تتوسط الشرفة .. أما مدخلها فهو في الإيوان الغربي للصحن، ولقد بنيت هذه المئذنة بالحجارة الجيرية والجص ، كبقية أجزاء المسجد الأخرى .

واجهة المسجد :

ينتهي سور الواجهة بشريط من الشرافات تحليها زخرفة نباتية من أوراق ملتوية وزهور ذات بتلات، ويشغل المدخل المحوري للمسجد، ومدخل الصحن، زخرفة جصية متطابقة بينهما تتكرر فيها عبارة: “ولا غالب إلا الله” .

نقلا عن د. عبد العزيز شهبي، النمط المعماري للمساجد الأثرية بالصحراء الجزائرية، “مسجد العدواني بالزقم في وادي سوف نموذجا” دراسات في آثار الوطن العربي 

ود.علي غنابزية، جامعة الوادي، وادي ريغ من خلال تاريخ محمد العدواني، مجلة الباحث في العلوم الانسانية والاجتماعية، المجلد 02 العدد 01 سنة 2011.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى