مسجد سيدي أبي الحسن بتلمسان… رائعة من الرّوائع الزّيانية بالجزائر

مسجد سيدي أبي الحسن بتلمسان… رائعة من الروائع الزيانية بالجزائر
أسس هذا المسجد سنة 696هـ / 1296م، كما تدل عليه كتابتان إحداهما بالخط الكوفي على حاشية فوق المحراب والأخرى على لوحة المرمر الأخضر المثبتة في الجدار الغربي منه والمكتوبة بالخط الأندلسي الأنيق حيث جاء في هاتين الكتابتين ما يلي:
“بسم الله الرحمان الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلّم تسليما، بُني هذا المسجد من طرف الأمير أبو عامر إبراهيم بن السلطان أبي يحيى يغمراسن بن زيان في سنة ست وتسعين وستمائة من بعد وفاته رحمه الله“.
يقع مسجد أبي الحسن على بعد أمتار من الجامع الكبير لتلمسان، أمر ببنائه السلطان سعيد عثمان تذكاراً للأمير أبي عامر إبراهيم بن أبي يحيى يغمراسن بن زيان.
وقد نسب هذا المسجد إلى الولي والعالم الشيخ أبي الحسن على بن يخلف التنسي (732 – 749هـ) (1331 – 1348م) وهو من علماء تنس الذين قدموا إلى تلمسان للاستزادة من العلم والمعرفة، أواخر القرن السابع الهجري الموافق للثالث عشر ميلادي وهو مدفون إلى جانب الولي سيدي أبي مدين في قبة الضريح.
وكان أبو سعيد عثمان ومن قبله والده محبا للعلم ومشجعا للعلماء ومجلا للفقهاء والمتصوفة وقد استقبل العالم الفقيه أبا الحسن التّنسي وألحقه بالتدريس بتلمسان وحين بنى أبو سعيد عثمان جامعا تخليدا للأمير الزياني المتوفي جعل المسجد باسم هذا العالم الجليل فسمى بمسجد سيدي بلحسن
يتميز المسجد بصغر مساحته ويفتقر إلى الصحن، فهو يحتوي على بيت الصلاة والمئذنة فقط، أمّا المحراب فهو عبارة عن كوّة مسدسة الأضلاع، ويشكل قطعة أثرية كاملة مع رقة وصفاء الخطوط وتشابك جميل للرموز وتجانس دوائره. فهو محراب ذو خمسة أضلاع يتكئ على عمودين. ويعتبر من أروع المحاريب في المغرب الإسلامي، زخارف قبته المقرنصة تشد الناظر إليها، وتعلو هذه القبة قبيبة ذات أخاديد، بها بائكة صماء تعلوها أقواس مفصصة متجاوزة بها شريط من الزخرفة الكتابية تتمثل في آيات قرآنية.
عرفت البناية تحولات عدة خلال الفترة الاستعمارية فقد حوّل إلى مخزن للعلف والخمور (1836-1848م)، إلى مدرسة قرآنية سنة 1849م ثم إلى مدرسة إسلامية فرنسية سنة 1895م. وفي سنة 1900م، شب فيه حريق، وتقرر تحويله إلى متحف بعد الترميم، ليصبح “المتحف العمومي الوطني للخط الإسلامي” حسب المرسوم التنفيذي رقم 12-196 المؤرخ في 2013/04/25.
وقد تأثرت زخرفة مسجد أبي الحسن بالعوامل المختلفة التي تعرّض لها المسجد، ولعل أهمّ ما بقي لنا هو المحراب، وهو رائعة من الروائع الزيانية وهو يبين زخرفة المحراب، وهي عبارة عن محارة مركزية وهي نواة مركزية تتفرع منها سلسلة من المراوح النخيلية المتكررة والمتقابلة والمتعانقة. ثلاث نوافذ مفتوحة ومعقودة بعقد حذوي تتكون من تركيبة هندسية وتتصل التراكيب هذه بزخرفة كتابية.
نقلا عن:
الزخارف في المساجد الزيانية والمرينية بتلمسان: دراسة مقارنة ومقاربة بين عينات من النموذجين للدكتورة مهتاري فائزة جامعة تلمسان / الجزائر
والمساجد الزيانبة بتلمسان عمارتا وخصائصها للأستاذ عبد العزيز لعرج أستاذ العمارة والفنون الإسلامية بمعهد الآثار / الجزائر












