مسجد الشيخ عيسى يحياوي…مسجد بريكة العتيق

مسجد الشيخ عيسى يحياوي…مسجد بريكة العتيق
د.أسامة الطيب جعيل
المركز الجامعي بريكة
تاريخ بناء المسجد:
يُعتبر مسجد العتيق لمدينة بريكة أحد أقدم الصروح الدينية بمنطقة بريكة، حيث يعود تأسيسه وبناؤه إلى فترة الاستعمار الفرنسي، وجاء تأسيس المسجد بعد طلب السكان المتزايد من أجل تشييده، ليكون مسجدا جامعا لسكان دوّار بريكة (يضم مدن وأعراش منطقة أولاد دراج وأولاد سحنون، والسحاري وامدوكال).
وتؤكد الوثائق التاريخية على أنّ مسجد بريكة شُرع في بناؤه شهر أفريل من سنة 1895م، بعد مراسلة الحاكم العام لعمالة قسنطينة للحاكم العسكري على مدينة بريكة النقيب جينين (gunine) الذي بدوره أعطى الإشراف على عملية تمويل وبناء المسجد لقايد المنطقة محمود بن السقاي، وقد أسهمت كلّ الأعراش بمقدار معلوم في بناء هذا الصرح الديني، الذي انتهت الأشغال الكبرى لإنجازه سنة 1897م.
لكن؛ الإدارة الاستعمارية ظلّت مُطبقة على المسجد وتمنع الصلاة فيه مخافة أن يُبث الفكر الديني ومحاربة الاستعمار، خاصة وأنّ تلك الفترة شهدت منطقة بريكة ثورات شعبية متعددة ضد التواجد الاستعماري.
أئمة المسجد العتيق
- الشيخ موسى زقاق رحمه الله
يُروى أنّ المسجد حظي بزيارة للشيخ عبد الحميد بن باديس سنة 1931م بعد تأسيسه لجمعية العلماء المسلمين، حيث استُقبل من طرف سكان بريكة وفُتح المسجد بتدخل من أعيان المدينة لدى الإدارة الفرنسية، ثم جاءت الزيارة الثانية سنة 1935 وفيها عيّن الشيخ عبد الحميد بن باديس الشيخ موسى زقاق رحمه الله إماما على المسجد، وهنا برز دور الشيخ زقاق أيضا بتأسيس مدرة حرة لتعليم الصبيان والبنات تحت مُسمى مدرسة السنة التي ضاقت ذرعا بتصرفات الإدارة الفرنسية وأذنابها، مما جعلها عُرضة للإغلاق عدة مرات.
وبتأسيس المدرسة، عمد الشيخ موسى زقاق بتوصيات شيوخ الجمعية إلى تأسيس جمعية دينية ونادي الإصلاح والتي كانت مهامهما تثقيف الكبار والشيوخ وجمع التبرعات والتكافل الاجتماعي.
- الشيخ عيسى يحياوي رحمه الله
وبوفاة الشيخ موسى زقاق سنة 1942، تقدم لإمامة مسجد بريكة الشيخ عيسى يحياوي رحمه الله والذي يُسمى مسجد العتيق ببريكة اليوم عليه، حيث نشط الشيخ كإمام للمسجد ومدير لمدرسة بريكة الحرة، وفي هذه الفترة حظي مسجد بريكة بزيارات متعددة لرجال الإصلاح بالجزائر من بينهم: الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، الشيخ أحمد حماني، الشيخ عبد اللطيف سلطاني، ونظرا لضيق المدرسة ارتأى الشيخ عيسى يحياوي وبدعم من سكان المدينة ومهاجريها بفرنسا، إلى تأسيس مدرسة جديدة ملاصقة للمسجد أطلق عليها تسمية مدرسة السعادة والتي بدأ التدريس فيها خلال السنة الدراسية 1953-1954. ومع اندلاع الثورة التحريرية، التحق طلبة وأساتذة المدرسة والمسجد بالجبال، وتعرض الشيخ عيسى يحياوي إلى إبرة مسمومة من الاستعمار الفرنسي أدت إلى وفاته شهر جوان من سنة 1955، ليُطلق اسم الشيخ عيسى يحياوي على مسجد بريكة العتيق بعد الاستقلال، مستمرا في أداء دوره الديني والاجتماعي إلى يوم الناس هذا.






